القائمة الرئيسية

الصفحات

 

جهازك الذكي... وتأثيره على نومك ومزاجك

في كل صباح، نفتح أعيننا لنلتقط الهاتف.
وفي كل مساء، نضعه بجانبنا على الوسادة.
صار الجهاز الذكي أقرب إلينا من أي شيء آخر.

لكن السؤال هو: ما الثمن؟
هل وجود الهاتف بجانبنا طوال الوقت يمرّ دون تأثير؟
وهل علاقة الإنسان بهاتفه تؤثر حقًا على النوم، المزاج، والصحة النفسية؟

الجواب العلمي: نعم، وبشكل عميق.



كيف تؤثر الأجهزة الذكية على جودة النوم؟

1. الضوء الأزرق يربك الساعة البيولوجية

شاشات الهواتف والحواسيب تبعث ضوءًا أزرق يثبط إفراز "الميلاتونين"، وهو الهرمون المسؤول عن النوم.
النتيجة: صعوبة في النعاس، نوم متقطع، أو أرق مزمن.

2. العقل يبقى في حالة تأهّب

قراءة الأخبار، الرد على الرسائل، متابعة الفيديوهات… كلها تُبقي الدماغ نشطًا، متوترًا، وكأنه في "حالة طوارئ"، بدل أن يستعد للاسترخاء.

3. إشعارات الليل تُقاطع النوم

صوت الإشعارات أو حتى ضوء الشاشة يمكن أن يوقظك من نومك، أو يقطع دورة النوم العميقة، مما يسبب التعب في الصباح.

ماذا يحدث للمزاج بسبب الأجهزة؟

1. التعرض المستمر للمحتوى

نحن نستهلك آلاف الصور، الأخبار، التعليقات كل يوم. وهذا يؤدي إلى:

  • التوتر والقلق من الأخبار السلبية

  • الغيرة أو الإحباط من صور مثالية لأشخاص آخرين

  • تشويش التفكير بسبب المعلومات المتناقضة

2. المقارنة الاجتماعية

تشاهد أشخاصًا يسافرون، ينجحون، يبدون سعداء طوال الوقت... فتقارن حياتك بهم، وتشعر أن ما لديك "قليل"، رغم أنه قد يكون كافيًا وجميلًا.

3. الإدمان الصامت

كل إشعار، كل إعجاب، كل تعليق... يفرز في الدماغ مادة "الدوبامين"، وهي نفس المادة التي ترتبط بالمكافأة والإدمان.
نعود للهاتف مرارًا دون سبب، فقط لنشعر بشيء!

إشارات تنبّهك أنك تجاوزت الحد:

  • صعوبة في النوم أو استيقاظ مرهق

  • تقلب في المزاج أو نوبات غضب مفاجئة

  • قلة تركيز أو تشتت ذهني

  • صداع أو إرهاق من دون سبب واضح

  • شعور بالفراغ رغم الانشغال الدائم

حلول بسيطة... لكنها فعّالة

1. ساعة بلا شاشات قبل النوم

اجعل الساعة الأخيرة من يومك خالية من الهواتف. اقرأ كتابًا، استمع لموسيقى هادئة، أو مارس التأمل.

2. مكان النوم = للنوم فقط

لا تأخذ هاتفك إلى السرير. خصصه للنوم فقط، ليعتاد دماغك أن هذا مكان راحة، لا متابعة.

3. إيقاف الإشعارات

أوقف التنبيهات غير الضرورية، أو اجعل الهاتف على "الوضع الليلي" بعد الساعة 9 مساءً.

4. استخدام برامج مراقبة الوقت

تطبيقات مثل "Digital Wellbeing" أو "Screen Time" تساعدك على معرفة كم من الوقت تقضيه على الهاتف، وما هي التطبيقات التي تستهلك وقتك.

5. فترات راحة خلال النهار

كل ساعتين، خذ 10 دقائق بعيدًا عن الشاشة. اغسل وجهك، امشِ قليلًا، أو فقط أغلق عينيك.

الصحة النفسية تحتاج "مسافة"

أحيانًا، أقرب خطوة إلى الراحة النفسية هي خطوة إلى الخلف… بعيدًا عن الشاشة.
حين نبتعد قليلًا، نسمع أنفسنا أكثر. نلاحظ العالم حولنا. نتنفس بعمق.

الهاتف أداة مفيدة، نعم، لكن نحن من نحدد إن كنا نستخدمه... أو هو من يستخدمنا.

في ثقافتنا: الليل للراحة لا للضوضاء

كان أجدادنا ينامون باكرًا، يستيقظون نشيطين، لا يعرفون التوتر الليلي ولا اضطرابات النوم.
اليوم، نقضي الليل نحدّق في شاشات تسرق أعمارنا ببطء.
فلنسترجع عادات الهدوء، السكينة، والاعتناء بالنوم.

تأمل ختامي

صحة العقل تبدأ من راحة الجسد.
ونوم جيد يعني نهارًا أفضل، مزاجًا أحسن، وتركيزًا أعلى.

فلنُعامل أنفسنا برفق.
لنُغلق الهاتف، ونفتح باب الراحة.
فالحياة لا تُقاس بعدد الإشعارات، بل بمدى السلام في دواخلنا.

تعليقات